السبت، 22 يونيو 2013

الزيارة : احدى قصائد الشاعر المتألق علاء جانب والتي ألقاها بملتقى دار كليم الأدبي

احدى قصائد الشاعر المتألق علاء جانب والتي ألقاها بملتقى دار كليم الأدبي

الزيارة
يأتي أبي متوشِّحا بالليل 
جِلبابًا جنوبِيَّا عمامتُه السَّحابُ .. 
الرَّعْدُ يصْمُتُ َمن مَهَابَتِه .. 
وبسمتُهُ طفولةُ عمرى المَسْروقِ .. 
لا أدري لماذا كُلَّما لمعتْ بُروقُ سَمائه .. 
تعدو على قلبي مخاوفُهُ ..
ويرتجفُ الضَّبَابْ.. 
**
يأتي أبي .. 
وأراه يرفع خطوه مثَّاقِلا نحوي 
ويجلسُ في السَّرير بجانبي 
هو لا يكلمني ولا يُصغي إليَّ.. 
لكنني أُصْغِي لرائحةِ السَّجائر 
خالطَتْ في ثوبِهِ التَّيْهَانِ عطْرَ شَبَابِهِ 
وأريجَ "كيس" البُرْتُقَال ..
طفولتي في جيْبِهِ حلْوَى.. 
وصُبْحٌ يشْرئِبُّ إلى المُحَال .. 
**
ونظلُّ نحلُمُ صامِتَيْنِ 
أبي إلى جهةِ اليمين مُحَدَّقٌ للآخرين 
هناك خلْفَ الْبَرْزَخِ الأعْمى
وأصواتُ الدُّخَان رءُوسُ موْتَى 
مُطْفَئِي العيْنَيْن تُنْكِرُني وأنْكِرُهَا .. 
إلى جِهَة بلا جهة نظرْتُ ..
خذني يا أبي ..
**
وأبي لعالمه البعيدْ 
يرمي برؤياه وبسمته يُضَمِّخُها الشُّرُودْ 
يسْتَأْذِنُ الحُرَّاسَ في خَوْفٍ 
ليعرَفَ من تَلامُسِنَا الأخيرِ 
وبوْحِ كفِّي.. ما يُريدْ ...
فتحَ السَّحابةَ ثم غلَّفَني بها 
لأعود طِفْلا أبيضََ التَّاريخِ 
يركضُ في السماواتِ البعيدة 
دونما عين أَرَى 
أنْفِي تُحَدِّقُ في أريجِ أبي 
وتسْحَبُني لعالمه فيُرْدِفُنِي على فرسٍ 
ويعدو بي على حُلْمٍ بلا أرض 
فأفْتَحُ للفضاء الرَّحْبِ أحْضَاني 
وأخْطَفُ نَجْمَةً من مُسْتَحيل الصَّمْتِ 
من ليْلٍ كأنَّ أبي به قَمَرُ الزَّمانِ 
وزهْرةُ الرُّمَانِ .. والأملُ الوَحِيدْ..
**
فتح السَّحَابَة مرَّةً أُخْرى..
فعُدْتُ ..
الكونُ صحراءٌ على أطْرافِها شَجَرٌ 
به سكَنَتْ عفاريتُ الحِكَايات 
التى -من "طرْحَةٍ" سوداءَ- تطْلُعُ في العِشَاءِ لجدَّتِي 
**
الليل يرحلُ .. هامسًا 
وأبي يُنَفِّضُ ثوبَهُ
وأنا ... 
بذيل الثَّوبِ أُمْسِكُهُ .. 
وأنْظُرُ ضارعًا .. 
لا يا أبي .. 
لا يا أبي .. 
لا يا أبي ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق